ليلة بيضاء في سطيف

شهدت مدينة سطيف وما جاورها من بلديات أجواء مميزة للفرحة والنشوة، بالانتصار التاريخي الذي حققه رفقاء القائد معيزة سهرة الجمعة أمام الوداد البيضاوي بملعب محمد الخامس، برسم مباراة الذهاب من الدور النهائي من رابطة أبطال العرب.
نزل الآلاف من الأنصار والمحبين بعد صفارة النهاية إلى الشوارع والساحات العمومية، حاملين معهم الرايات والأعلام الوطنية، محوّلين هدوء المدينة إلى صخب وأجواء من الفرحة. وكانت نقطة الالتقاء الساحة المحيطة بعين الفوارة، أين تجمّع الآلاف من الأنصار الهاتفين بحياة الفريق والراقصين على أنغام الموسيقى المنبعثة من شرفات المنازل وحتى السيارات والمركبات. ولم تمنع الساعة المتأخرة ولا الأمطار التي كانت تتهاطل بغزارة، لتحويل الليل إلى نهار، حيث قام العديد من الشباب بإشعال الألعاب النارية، كما جابت المئات من السيارات مختلف شوارع وأحياء المدينة، وكان راكبوها يصيحون مطالبين كل السكان بعدم النوم والخروج للاحتفال.
الشاب محمد سحيري من حي دلاس الذي أبى إلا أن يشارك في الاحتفالات قال ''كنت أنتظر هذه المفاجأة من عناصر فريقنا، وقد ازداد حدسي حينما شاهدت الهداف طويل في عملية تسخين ونحن نلقبه ''بالربانية'' كونه لاعبا ملتزما داخل وخارج الملعب. فعلا كان طويل عند حسن ظني، وهو الفوز الذي يجعلنا نلعب مباراة العودة براحة أكثر رغم أن الحذر مطلوب، وسترحل كل سطيف يوم 22 ماي إلى البليدة''.
من جهته، قال الشاب محمد هدمة من حي الشيمينو والمعروف ''بشوفينيته'' للونين الأسود والبيض ''الحمد لله على هذا الفوز، وسنفوز بهذه الكأس لا محالة لأن الوفاق معروف وعبر مسيرته كاملة لم يصل إلى نهائي أية منافسة ثم يفرط فيها. ونحن بالنسبة لنا كأنصار، لن نهدأ حتى نرى الكأس الثانية تزور عين الفوارة. لقد تابعت المباراة على الأعصاب، وكنت أنتظر رد فعل فريقنا والحمد لله الأولاد لم يخيّبونا''..
ثم اقتربنا من أحد الأنصار الذي كان يشعل الألعاب النارية مزيّنا بها فضاء عين الفوارة وسألناه عن انطباعه فقال ''أنا لا أكذب، فلم أشاهد من المباراة غير العشر دقائق الأولى، ولم أتحمّل الضغط الذي مارسه الوداد على فريقنا فقررت الخروج إلى الشارع والمشي لوحدي كالمجنون إلى غاية سماعي للأهازيج والصياح حينها أدركت أننا أمضينا الهدف الأول لأقرر التوجه نحو أقرب مقهى أين أكملت الدقائق المتبقية. وأنا الآن هنا وسأبقى إلى غاية شروق الشمس''.. إحدى السيدات الطاعنات في السن لفتت انتباهنا حين نزولها من السيارة وراحت ترقص على أنغام الأغاني الممجدة للوفاق.. وعند اقترابنا منها علمنا أنها الحاجة الياقوت والتي تجاوزت السبعين سنة لتقول لنا ''منذ الاستقلال أنا أحب أن أخرج لمشاركة أبنائي وأحفادي الاحتفالات سواء الرياضية والوطنية.
وقد شاهدت المباراة وزغردت لما سجل الهدف. وإن شاء الله وببركة سيدي الخيّر الكأس سوف تزور سطيف، لأن كأس الطبعة الفارطة شربت من عين الفوارة وبالتالي أصبح محتما عليها العودة، وفقا للمقولة التي توارثناه والقائلة أنه من يزور سطيف ويشرب من عين الفوارة لا بد له أن يعود من جديد''.. وهكذا استمرت الأفراح والاحتفالات إلى غاية صبيحة السبت، ومازال الكثير من الشباب يحملون الرايات البيضاء والسوداء ويجوبون شوارع سطيف، مؤكدين على توجههم المباشر نحو مدينة بجاية استعدادا لمساندة الفريق خلال مباراته ضد الشبيبة المحلية